مركز المعلومات|
نشرت صحيفة هآرتس العبرية مقالًا للكاتب جدعون ليفي، فضح فيه مشاهد مروّعة من جريمة جديدة ارتكبها طيران العدو الصهيوني بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وخصوصًا في دير البلح، حيث استهدفت الغارات محطة لتوزيع حليب الأطفال وعيادة طبية لرعاية الطفولة، في واحدة من أبشع مجازر الإبادة الجماعية التي يواصلها الاحتلال بلا هوادة. الكاتب وصف تفاصيل المجزرة بصور تقشعر لها الأبدان، مؤكّدًا أن الغارة أدّت إلى استشهاد 15 مدنيًا على الأقل، بينهم عشرة رُضّع وأطفال وثلاث أمهات، بينما كانوا ينتظرون الحصول على مكملات غذائية لأطفالهم في عيادة تديرها منظمة إنسانية تدعى “مشروع الأمل”. وتحدّث عن الأشلاء والجثث التي غطت الشارع، وعن أطفال مزقتهم القذائف الإسرائيلية وهم في أحضان أمهاتهم، في مشهد أشبه بـ”غيرنيكا” المعاصرة، في إشارة إلى لوحة بيكاسو الشهيرة التي وثّقت القصف الوحشي للمدينة الإسبانية خلال الحرب الأهلية. في مشهد يوثّق وحشية العدوان الصهيوني، تحدث الكاتب عن صرخات الضحايا، وعن أمهات يحتضنّ أطفالهن الشهداء دون أن يدركن أنهم قد فارقوا الحياة. فتاة صغيرة قُتلت وهي تحتمي في حضن أمها، ومراهق يرقد والدم ينزف من رأسه، بينما طفل آخر يرتجف في رمق الحياة الأخير، في وقتٍ كانت فيه جرافات الصمت الدولي تدفن هذا الجرح الفلسطيني المستمر. مصور الفيديو الذي كان يرافق المشهد، حاول أن يهدّئ امرأة كانت تحتضن رضيعتها التي قضت في الغارة، وهي تسأل بعينين تائهتين: “ماذا حدث لها؟”. بينما كان آخر يصرخ: “هل من سيارة لنقلهم؟”، وآخر يناشد: “انظروا إلى هنا!”، في حين أن سيارة الإسعاف لم تأتِ، ويد الموت الإسرائيلي كانت أسرع من كل شيء. وأكد الكاتب أن لا أحد يهتم بهؤلاء الأطفال الذين قُتلوا، ولا بالمصابين الذين يُنقلون على عربات تجرها الحمير إلى مستشفى “شهداء الأقصى” المتهالك، في مشهد يعكس حجم الكارثة الطبية والإنسانية الناتجة عن الحصار والقصف. ووصف دير البلح بأنها أصبحت غيرنيكا فلسطين، فيما وسائل إعلام العدو تخفي المشاهد، وتمارس أبشع صنوف غسل الدماغ لشعبٍ لم يُشاهد الإبادة، ولن يُشاهدها، كما قال. الصحيفة العبرية استعرضت تقارير أخرى، بينها شهادات منظمات الإغاثة التي أكدت أن الأطفال في غزة يموتون بسبب منع الاحتلال استيراد حليب الأطفال، ومعلومات تؤكد مقتل 70 فلسطينيًا في يوم واحد، بينهم 28 استُشهدوا أثناء انتظار المساعدات الغذائية، في مؤشر واضح على أن العدو يستهدف سياسة التجويع ضمن عدوانه العسكري. وفي تواطؤ فاضح لآلة الإعلام الصهيونية، انتقد الكاتب تجاهل قنوات الاحتلال لمثل هذه الجرائم، مؤكّدًا أن استوديوهات القناة 12 و13 تتقن فن إخفاء الحقيقة، وتُفضّل تقديم صورة مُعلّبة للجمهور الصهيوني، تخلو من مشاهد الدم الفلسطيني، وتُواصل دعماً كاملاً للمحرقة المتواصلة في غزة. الكاتب جدعون ليفي، الذي لطالما فضح الجرائم الصهيونية، وجّه رسالة ضمنية بضرورة أن يرى كل صهيوني هذه المجازر، مؤكدًا أن استمرار الصمت على ما يجري هو مشاركة فاعلة في جريمة إبادة تُمارس باسم “الأمن القومي” وبذريعة “تحرير الرهائن”، بينما الضحايا الحقيقيون هم أطفال غزة، ونساؤها، وشيوخها، ومدنيّوها المحاصرون. هذه شهادة من داخل كيان العدو، تؤكّد بما لا يدع مجالًا للشك أن ما يجري في قطاع غزة ليس سوى فصل دموي آخر من سياسة الإبادة الجماعية التي يمارسها كيان الاحتلال الصهيوني، والتي ستظل لعنة تطارد هذا الكيان ومن يدعمه في كل المحافل، وفي مقدمتها الأنظمة الغربية الشريكة في سفك هذا الدم العربي الطاهر.